سورة الصافات

قراءة سورة الصافات مع تفسير

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

وَ الصّٰٓفّٰتِ صَفًّا(1) فَالزّٰجِرٰتِ زَجْرًا(2) فَالتّٰلِیٰتِ ذِكْرًا(3) اِنَّ اِلٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ(4) رَبُّ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضِ وَ مَا بَیْنَهُمَا وَ رَبُّ الْمَشَارِقِ(5) اِنَّا زَیَّنَّا السَّمَآءَ الدُّنْیَا بِزِیْنَةِ ﹰالْكَوَاكِبِ(6) وَ حِفْظًا مِّنْ كُلِّ شَیْطٰنٍ مَّارِدٍ(7) لَا یَسَّمَّعُوْنَ اِلَى الْمَلَاِ الْاَعْلٰى وَ یُقْذَفُوْنَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ(8) دُحُوْرًا وَّ لَهُمْ عَذَابٌ وَّاصِبٌ(9) اِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَاَتْبَعَهٗ شِهَابٌ ثَاقِبٌ(10) فَاسْتَفْتِهِمْ اَهُمْ اَشَدُّ خَلْقًا اَمْ مَّنْ خَلَقْنَاؕ-اِنَّا خَلَقْنٰهُمْ مِّنْ طِیْنٍ لَّازِبٍ(11) بَلْ عَجِبْتَ وَ یَسْخَرُوْنَ(12) وَ اِذَا ذُكِّرُوْا لَا یَذْكُرُوْنَ(13) وَ اِذَا رَاَوْا اٰیَةً یَّسْتَسْخِرُوْنَ(14) وَ قَالُوْۤا اِنْ هٰذَاۤ اِلَّا سِحْرٌ مُّبِیْنٌ(15) ءَاِذَا مِتْنَا وَ كُنَّا تُرَابًا وَّ عِظَامًا ءَاِنَّا لَمَبْعُوْثُوْنَ(16) اَوَ اٰبَآؤُنَا الْاَوَّلُوْنَ(17) قُلْ نَعَمْ وَ اَنْتُمْ دَاخِرُوْنَ(18) فَاِنَّمَا هِیَ زَجْرَةٌ وَّاحِدَةٌ فَاِذَا هُمْ یَنْظُرُوْنَ(19) وَ قَالُوْا یٰوَیْلَنَا هٰذَا یَوْمُ الدِّیْنِ(20) هٰذَا یَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِیْ كُنْتُمْ بِهٖ تُكَذِّبُوْنَ(21)اُحْشُرُوا الَّذِیْنَ ظَلَمُوْا وَ اَزْوَاجَهُمْ وَ مَا كَانُوْا یَعْبُدُوْنَ(22) مِنْ دُوْنِ اللّٰهِ فَاهْدُوْهُمْ اِلٰى صِرَاطِ الْجَحِیْمِ(23) وَ قِفُوْهُمْ اِنَّهُمْ مَّسْـٴُـوْلُوْنَ(24) مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُوْنَ(25) بَلْ هُمُ الْیَوْمَ مُسْتَسْلِمُوْنَ(26) وَ اَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلٰى بَعْضٍ یَّتَسَآءَلُوْنَ(27) قَالُوْۤا اِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَاْتُوْنَنَا عَنِ الْیَمِیْنِ(28) قَالُوْا بَلْ لَّمْ تَكُوْنُوْا مُؤْمِنِیْنَ(29) وَ مَا كَانَ لَنَا عَلَیْكُمْ مِّنْ سُلْطٰنٍۚ-بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طٰغِیْنَ (30) فَحَقَّ عَلَیْنَا قَوْلُ رَبِّنَاۤ اِنَّا لَذَآىٕقُوْنَ (31) فَاَغْوَیْنٰكُمْ اِنَّا كُنَّا غٰوِیْنَ (32) فَاِنَّهُمْ یَوْمَىٕذٍ فِی الْعَذَابِ مُشْتَرِكُوْنَ(33) اِنَّا كَذٰلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِیْنَ(34) اِنَّهُمْ كَانُوْۤا اِذَا قِیْلَ لَهُمْ لَاۤ اِلٰهَ اِلَّا اللّٰهُۙ-یَسْتَكْبِرُوْنَ(35) وَ یَقُوْلُوْنَ اَىٕنَّا لَتَارِكُوْۤا اٰلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُوْنٍ(36) بَلْ جَآءَ بِالْحَقِّ وَ صَدَّقَ الْمُرْسَلِیْنَ(37) اِنَّكُمْ لَذَآىٕقُوا الْعَذَابِ الْاَلِیْمِ(38) وَ مَا تُجْزَوْنَ اِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُوْنَ(39) اِلَّا عِبَادَ اللّٰهِ الْمُخْلَصِیْنَ(40) اُولٰٓىٕكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُوْمٌ(41) فَوَاكِهُۚ-وَ هُمْ مُّكْرَمُوْنَ(42) فِیْ جَنّٰتِ النَّعِیْمِ(43) عَلٰى سُرُرٍ مُّتَقٰبِلِیْنَ(44) یُطَافُ عَلَیْهِمْ بِكَاْسٍ مِّنْ مَّعِیْنٍ(45) بَیْضَآءَ لَذَّةٍ لِّلشّٰرِبِیْنَ(46) لَا فِیْهَا غَوْلٌ وَّ لَا هُمْ عَنْهَا یُنْزَفُوْنَ(47) وَ عِنْدَهُمْ قٰصِرٰتُ الطَّرْفِ عِیْنٌ(48) كَاَنَّهُنَّ بَیْضٌ مَّكْنُوْنٌ(49) فَاَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلٰى بَعْضٍ یَّتَسَآءَلُوْنَ(50) قَالَ قَآىٕلٌ مِّنْهُمْ اِنِّیْ كَانَ لِیْ قَرِیْنٌ(51) یَّقُوْلُ اَىٕنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِیْنَ(52) ءَاِذَا مِتْنَا وَ كُنَّا تُرَابًا وَّ عِظَامًا ءَاِنَّا لَمَدِیْنُوْنَ(53) قَالَ هَلْ اَنْتُمْ مُّطَّلِعُوْنَ(54) فَاطَّلَعَ فَرَاٰهُ فِیْ سَوَآءِ الْجَحِیْمِ(55) قَالَ تَاللّٰهِ اِنْ كِدْتَّ لَتُرْدِیْنِ(56) وَ لَوْ لَا نِعْمَةُ رَبِّیْ لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِیْنَ(57) اَفَمَا نَحْنُ بِمَیِّتِیْنَ(58) اِلَّا مَوْتَتَنَا الْاُوْلٰى وَ مَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِیْنَ(59) اِنَّ هٰذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِیْمُ(60) لِمِثْلِ هٰذَا فَلْیَعْمَلِ الْعٰمِلُوْنَ(61) اَذٰلِكَ خَیْرٌ نُّزُلًا اَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّوْمِ(62) اِنَّا جَعَلْنٰهَا فِتْنَةً لِّلظّٰلِمِیْنَ(63) اِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُ جُ فِیْۤ اَصْلِ الْجَحِیْمِ (64) طَلْعُهَا كَاَنَّهٗ رُءُوْسُ الشَّیٰطِیْنِ (65) فَاِنَّهُمْ لَاٰكِلُوْنَ مِنْهَا فَمَالِــٴُـوْنَ مِنْهَا الْبُطُوْنَ(66) ثُمَّ اِنَّ لَهُمْ عَلَیْهَا لَشَوْبًا مِّنْ حَمِیْمٍ(67) ثُمَّ اِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَاۡاِلَى الْجَحِیْمِ(68) اِنَّهُمْ اَلْفَوْا اٰبَآءَهُمْ ضَآلِّیْنَ(69) فَهُمْ عَلٰۤى اٰثٰرِهِمْ یُهْرَعُوْنَ(70) وَ لَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ اَكْثَرُ الْاَوَّلِیْنَ(71) وَ لَقَدْ اَرْسَلْنَا فِیْهِمْ مُّنْذِرِیْنَ(72) فَانْظُرْ كَیْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِیْنَ(73) اِلَّا عِبَادَ اللّٰهِ الْمُخْلَصِیْنَ(74)وَ لَقَدْ نَادٰىنَا نُوْحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِیْبُوْنَ(75) وَ نَجَّیْنٰهُ وَ اَهْلَهٗ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِیْمِ(76) وَ جَعَلْنَا ذُرِّیَّتَهٗ هُمُ الْبٰقِیْنَ(77) وَ تَرَكْنَا عَلَیْهِ فِی الْاٰخِرِیْنَ(78) سَلٰمٌ عَلٰى نُوْحٍ فِی الْعٰلَمِیْنَ(79) اِنَّا كَذٰلِكَ نَجْزِی الْمُحْسِنِیْنَ(80) اِنَّهٗ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِیْنَ(81) ثُمَّ اَغْرَقْنَا الْاٰخَرِیْنَ(82) وَ اِنَّ مِنْ شِیْعَتِهٖ لَاِبْرٰهِیْمَ(83) اِذْ جَآءَ رَبَّهٗ بِقَلْبٍ سَلِیْمٍ(84) اِذْ قَالَ لِاَبِیْهِ وَ قَوْمِهٖ مَا ذَا تَعْبُدُوْنَ(85) اَىٕفْكًا اٰلِهَةً دُوْنَ اللّٰهِ تُرِیْدُوْنَ(86) فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعٰلَمِیْنَ(87) فَنَظَرَ نَظْرَةً فِی النُّجُوْمِ(88) فَقَالَ اِنِّیْ سَقِیْمٌ(89) فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِیْنَ(90) فَرَاغَ اِلٰۤى اٰلِهَتِهِمْ فَقَالَ اَلَا تَاْكُلُوْنَ(91) مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُوْنَ(92) فَرَاغَ عَلَیْهِمْ ضَرْبًۢا بِالْیَمِیْنِ(93) فَاَقْبَلُوْۤا اِلَیْهِ یَزِفُّوْنَ(94) قَالَ اَتَعْبُدُوْنَ مَا تَنْحِتُوْنَ(95) وَ اللّٰهُ خَلَقَكُمْ وَ مَا تَعْمَلُوْنَ(96) قَالُوا ابْنُوْا لَهٗ بُنْیَانًا فَاَلْقُوْهُ فِی الْجَحِیْمِ(97) فَاَرَادُوْا بِهٖ كَیْدًا فَجَعَلْنٰهُمُ الْاَسْفَلِیْنَ(98) وَ قَالَ اِنِّیْ ذَاهِبٌ اِلٰى رَبِّیْ سَیَهْدِیْنِ(99) رَبِّ هَبْ لِیْ مِنَ الصّٰلِحِیْنَ(100) فَبَشَّرْنٰهُ بِغُلٰمٍ حَلِیْمٍ(101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْیَ قَالَ یٰبُنَیَّ اِنِّیْۤ اَرٰى فِی الْمَنَامِ اَنِّیْۤ اَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَا ذَا تَرٰىؕ-قَالَ یٰۤاَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ٘-سَتَجِدُنِیْۤ اِنْ شَآءَ اللّٰهُ مِنَ الصّٰبِرِیْنَ(102) فَلَمَّاۤ اَسْلَمَا وَ تَلَّهٗ لِلْجَبِیْنِ(103) وَ نَادَیْنٰهُ اَنْ یّٰۤاِبْرٰهِیْمُ(104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّءْیَاۚ-اِنَّا كَذٰلِكَ نَجْزِی الْمُحْسِنِیْنَ(105) اِنَّ هٰذَا لَهُوَ الْبَلٰٓؤُا الْمُبِیْنُ(106) وَ فَدَیْنٰهُ بِذِبْحٍ عَظِیْمٍ(107) وَ تَرَكْنَا عَلَیْهِ فِی الْاٰخِرِیْنَ(108) سَلٰمٌ عَلٰۤى اِبْرٰهِیْمَ(109) كَذٰلِكَ نَجْزِی الْمُحْسِنِیْنَ(110) اِنَّهٗ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِیْنَ(111) وَ بَشَّرْنٰهُ بِاِسْحٰقَ نَبِیًّا مِّنَ الصّٰلِحِیْنَ(112) وَ بٰرَكْنَا عَلَیْهِ وَ عَلٰۤى اِسْحٰقَؕ-وَ مِنْ ذُرِّیَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَّ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهٖ مُبِیْنٌ(113)وَ لَقَدْ مَنَنَّا عَلٰى مُوْسٰى وَ هٰرُوْنَ(114) وَ نَجَّیْنٰهُمَا وَ قَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِیْمِ(115) وَ نَصَرْنٰهُمْ فَكَانُوْا هُمُ الْغٰلِبِیْنَ(116) وَ اٰتَیْنٰهُمَا الْكِتٰبَ الْمُسْتَبِیْنَ(117) وَ هَدَیْنٰهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِیْمَ(118) وَ تَرَكْنَا عَلَیْهِمَا فِی الْاٰخِرِیْنَ(119) سَلٰمٌ عَلٰى مُوْسٰى وَ هٰرُوْنَ(120) اِنَّا كَذٰلِكَ نَجْزِی الْمُحْسِنِیْنَ(121) اِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِیْنَ(122) وَ اِنَّ اِلْیَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِیْنَ(123) اِذْ قَالَ لِقَوْمِهٖۤ اَلَا تَتَّقُوْنَ(124) اَتَدْعُوْنَ بَعْلًا وَّ تَذَرُوْنَ اَحْسَنَ الْخَالِقِیْنَ(125) اللّٰهَ رَبَّكُمْ وَ رَبَّ اٰبَآىٕكُمُ الْاَوَّلِیْنَ(126) فَكَذَّبُوْهُ فَاِنَّهُمْ لَمُحْضَرُوْنَ(127) اِلَّا عِبَادَ اللّٰهِ الْمُخْلَصِیْنَ(128) وَ تَرَكْنَا عَلَیْهِ فِی الْاٰخِرِیْنَ(129) سَلٰمٌ عَلٰۤى اِلْ یَاسِیْنَ(130) اِنَّا كَذٰلِكَ نَجْزِی الْمُحْسِنِیْنَ (131) اِنَّهٗ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِیْنَ(132) وَ اِنَّ لُوْطًا لَّمِنَ الْمُرْسَلِیْنَ(133) اِذْ نَجَّیْنٰهُ وَ اَهْلَهٗۤ اَجْمَعِیْنَ(134) اِلَّا عَجُوْزًا فِی الْغٰبِرِیْنَ(135) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْاٰخَرِیْنَ(136) وَ اِنَّكُمْ لَتَمُرُّوْنَ عَلَیْهِمْ مُّصْبِحِیْنَ(137) وَ بِالَّیْلِؕ-اَفَلَا تَعْقِلُوْنَ(138)وَ اِنَّ یُوْنُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِیْنَ(139) اِذْ اَبَقَ اِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُوْنِ(140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِیْنَ(141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوْتُ وَ هُوَ مُلِیْمٌ(142) فَلَوْ لَاۤ اَنَّهٗ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِیْنَ(143) لَلَبِثَ فِیْ بَطْنِهٖۤ اِلٰى یَوْمِ یُبْعَثُوْنَ(144) فَنَبَذْنٰهُ بِالْعَرَآءِ وَ هُوَ سَقِیْمٌ(145) وَ اَنْۢبَتْنَا عَلَیْهِ شَجَرَةً مِّنْ یَّقْطِیْنٍ(146) وَ اَرْسَلْنٰهُ اِلٰى مِائَةِ اَلْفٍ اَوْ یَزِیْدُوْنَ(147) فَاٰمَنُوْا فَمَتَّعْنٰهُمْ اِلٰى حِیْنٍ(148) فَاسْتَفْتِهِمْ اَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَ لَهُمُ الْبَنُوْنَ(149) اَمْ خَلَقْنَا الْمَلٰٓىٕكَةَ اِنَاثًا وَّ هُمْ شٰهِدُوْنَ(150) اَلَاۤ اِنَّهُمْ مِّنْ اِفْكِهِمْ لَیَقُوْلُوْنَ(151) وَلَدَ اللّٰهُۙ-وَ اِنَّهُمْ لَكٰذِبُوْنَ(152) اَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِیْنَ(153) مَا لَكُمْ- كَیْفَ تَحْكُمُوْنَ(154) اَفَلَا تَذَكَّرُوْنَ(155) اَمْ لَكُمْ سُلْطٰنٌ مُّبِیْنٌ(156) فَاْتُوْا بِكِتٰبِكُمْ اِنْ كُنْتُمْ صٰدِقِیْنَ(157) وَ جَعَلُوْا بَیْنَهٗ وَ بَیْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًاؕ-وَ لَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ اِنَّهُمْ لَمُحْضَرُوْنَ(158) سُبْحٰنَ اللّٰهِ عَمَّا یَصِفُوْنَ(159) اِلَّا عِبَادَ اللّٰهِ الْمُخْلَصِیْنَ(160) فَاِنَّكُمْ وَ مَا تَعْبُدُوْنَ(161) مَاۤ اَنْتُمْ عَلَیْهِ بِفٰتِنِیْنَ(162) اِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِیْمِ(163) وَ مَا مِنَّاۤ اِلَّا لَهٗ مَقَامٌ مَّعْلُوْمٌ(164) وَّ اِنَّا لَنَحْنُ الصَّآفُّوْنَ(165) وَ اِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُوْنَ(166) وَ اِنْ كَانُوْا لَیَقُوْلُوْنَ(167) لَوْ اَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِّنَ الْاَوَّلِیْنَ(168) لَكُنَّا عِبَادَ اللّٰهِ الْمُخْلَصِیْنَ(169) فَكَفَرُوْا بِهٖ فَسَوْفَ یَعْلَمُوْنَ(170) وَ لَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِیْنَ(171) اِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُوْرُوْنَ(172) وَ اِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغٰلِبُوْنَ(173) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتّٰى حِیْنٍ(174) وَّ اَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ یُبْصِرُوْنَ(175) اَفَبِعَذَابِنَا یَسْتَعْجِلُوْنَ(176) فَاِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَآءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِیْنَ(177) وَ تَوَلَّ عَنْهُمْ حَتّٰى حِیْنٍ(178) وَّ اَبْصِرْ فَسَوْفَ یُبْصِرُوْنَ(179) سُبْحٰنَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا یَصِفُوْنَ(180) وَ سَلٰمٌ عَلَى الْمُرْسَلِیْنَ(181) وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰلَمِیْنَ(182)

أقرأ المزيد: سورة ياسين

سورة الصافات تفسير

«والصافات صفّا» الملائكة تصف نفوسها في العبادة أو أجنحتها في الهواء تنتظر ما تؤمر به. (١) «فالزاجرات زجرا» الملائكة تزجر السحاب أي تسوقه. (٢) «فالتاليات» أي قراء القرآن يتلونه «ذكرا» مصدر من معنى التاليات. (٣) «إن إلهكم» يا أهل مكة «لواحد». (٤) «ربُّ السماوات والأرض وما بينهما وربُّ المشارق» أي والمغارب للشمس، لها كل يوم مشرق ومغرب. (٥) «إنَّا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب» أي بضوئها أو بها، والإضافة للبيان كقراءة تنوين زينة المبينة بالكواكب. (٦) «وحفظا» منصوب بفعل مقدر: أي حفظناها بالشهب «من كل» متعلق بالمقدر «شيطان مارد» عاتٍ خارج عن الطاعة. (٧) «لا يسمعون» أي الشياطين مستأنف، وسماعهم هو في المعنى المحفوظ عنه «إلى الملأ الأعلى» الملائكة في السماء، وعدِّي السماع بإلى لتضمنه معنى الإصغاء وفي قراءة بتشديد الميم والسين أصله يتسمعون أدغمت التاء في السين «ويقذفون» أي الشياطين بالشهب «من كل جانب» من آفاق السماء. (٨) «دُحُورا» مصدر دحره: أي طرده وأبعده وهو مفعول له «ولهم» في الآخرة «عذاب واصب» دائم. (٩) «إلا من خطف الخطفة» مصدر: أي المرة، والاستثناء من ضمير يسمعون: أي لا يسمع إلا الشيطان الذي سمع الكلمة من الملائكة فأخذها بسرعة «فأتبعه شهاب» كوكب مضيء «ثاقب» يثقبه أو يحرقه أو يخبله. (١٠) «فاستفتهم» استخبر كفار مكة تقريرا أو توبيخا «أهم أشد خلقا أم من خلقنا» من الملائكة والسماوات والأرضين وما فيهما وفي الإتيان بمن تغليب العقلاء «إنا خلقناهم» أي أصلهم آدم «من طين لازب» لازم يلصق باليد: المعنى أن خلقهم ضعيف فلا يتكبروا بإنكار النبي والقرآن المؤدي إلى هلاكهم اليسير. (١١) «بل» للانتقال من غرض إلى آخر وهو الإخبار بحاله وحالهم «عجبتَ» بفتح التاء خطابا للنبي صلى الله عليه وسلم، أي من تكذيبهم إياك «و» هم «يسخرون» من تعجبك. (١٢) «وإذا ذكروا» وعظوا بالقرآن «لا يذكرون» لا يتعظون. (١٣) «وإذا رأوْا آية» كانشقاق القمر «يستسخرون» يستهزئُون بها. (١٤) «وقالوا» فيها «إن» ما «هذا إلا سحر مبين» بيّن وقالوا منكرين للبعث. (١٥) «أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون» في الهمزتين في الموضوعين التحقيق وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجهين. (١٦) «أوْ آباؤنا الأولون» بسكون الواو عطفا بأو، وبفتحها والهمزة للاستفهام والعطف بالواو والمعطوف عليه محل إن واسمها أو الضمير في لمبعوثون والفاصل همزة الاستفهام. (١٧) «قل نعم» تبعثون «وأنتم داخرون» أي صاغرون. (١٨) «فإنما هي» ضمير مبهم يفسره «زجرة» أي صيحة «واحدة فإذا هم» أي الخلائق أحياء «ينظرون» ما يفعل بهم. (١٩) «وقالوا» أي الكفار «يا» للتنبيه «ويْلنا» هلاكنا، وهو مصدر لا فعل له من لفظه وتقول لهم الملائكة: «هذا يوم الدين» يوم الحساب والجزاء. (٢٠) «هذا يوم الفصل» بين الخلائق «الذي كنتم به تكذبون» ويقال للملائكة. (٢١) «أُحشروا الذين ظلموا» أنفسهم بالشرك «وأزواجهم» قرناءهم من الشياطين «وما كانوا يعبدون». (٢٢) «من دون الله» أي غيره من الأوثان «فاهدوهم» دلوهم وسوقوهم «إلى صراط الجحيم» طريق النار. (٢٣) «وقفوهم» احبسوهم عن الصراط «إنهم مسئولون» عن جميع أقوالهم، ويقال لهم توبيخا. (٢٤)

«ما لكم لا تناصرون» لا ينصر بعضكم بعضا كحالكم في الدنيا ويقال لهم. (٢٥) «بل هم اليوم مستسلمون» منقادون أذلاء. (٢٦) «وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون» يتلاومون ويتخاصمون. (٢٧) «قالوا» أي الأتباع منهم للمتبوعين «إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين» عن الجهة التي كنا نأمنكم منها لحلفكم أنكم على الحق فصدقناكم واتبعناكم، المعنى أنكم أضللتمونا. (٢٨) «قالوا» أي المتبعون لهم «بل لم تكونوا مؤمنين» وإنما يصدق الإضلال منا أن لو كنتم مؤمنين فرجعتم عن الإيمان إلينا. (٢٩) «وما كان لنا عليكم من سلطان» قوة وقدرة تقهركم على متابعتنا «بل كنتم قوما طاغين» ضالين مثلنا. (٣٠) (فحق) وجب (علينا) جميعا (قول ربنا) بالعذاب: أي قوله “” لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين “” (إنا) جميعا (لذائقون) العذاب بذلك القول ونشأ عنه قولهم. (٣١) «فأغويناكم» المعلل بقولهم «إنا كنا غاوين». (٣٢) قال تعالى «فإنهم يومئذ» يوم القيامة «في العذاب مشتركون» أي لاشتراكهم في الغواية. (٣٣) «إنا كذلك» كما نفعل بهؤلاء «نفعل بالمجرمين» غير هؤلاء: أي نعذبهم التابع منهم والمتبوع. (٣٤) «إنهم» أي هؤلاء بقرينة ما بعده «كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون». (٣٥) «ويقولون أئنا» في همزتيه ما تقدم «لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون» أي لأجل محمد. (٣٦) قال تعالى: «بل جاء بالحق وصدَّق المرسلين» الجائين به، وهو أن لا إله إلا الله. (٣٧) «إنكم» فيه التفات «لذائقوا العذاب الأليم». (٣٨) «وما تجزوْن إلا» جزاء «ما كنتم تعملون». (٣٩) «إلا عباد الله المخلصين» أي المؤمنين استثناء منقطع، أي ذكر جزائهم في قوله. (٤٠) «أولئك لهم» في الجنة «رزق معلوم» بكرة وعشيا. (٤١) «فواكه» بدل أو بيان للرزق وهو ما يؤكل تلذذا لحفظ صحة لأن أهل الجنة مستغنون عن حفظها بخلق أجسامهم للأبد «وهم مكرمون» بثواب الله سبحانه وتعالى. (٤٢) «في جنات النعيم». (٤٣) «على سرر متقابلين» لا يرى بعضهم قفا بعض. (٤٤) «يطاف عليهم» على كل منهم «بكأس» هو الإناء بشرابه «من معين» من خمر يجري على وجه الأرض كأنهار الماء. (٤٥) «بيضاء» أشد بياضا من اللبن «لذة» لذيذة «للشاربين» بخلاف خمر الدنيا فإنها كريهة عند الشرب. (٤٦) «لا فيها غول» ما يغتال عقولهم «ولا هم عنها ينزَِفون» بفتح الزاي وكسرها من نزف الشارب وأنزف: أي يسكرون بخلاف خمر الدنيا. (٤٧) «وعندهم قاصرات الطرْف» حابسات الأعين على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم لحسنهم عندهن «عين» ضخام الأعين حسانها. (٤٨) «كأنهن» في اللون «بيض» للنعام «مكنون» مستور بريشه لا يصل إليه غبار، ولونه وهو البياض في صفرة، أحسن ألوان النساء. (٤٩) «فأقبل بعضهم» بعض أهل الجنة «على بعض يتساءلون» عما مر بهم في الدنيا. (٥٠) «قال قائل منهم إني كان لي قرين» صاحب ينكر البعث. (٥١)

«يقول» لي تبكيتا «أئنك لمن المصدقين» بالبعث. (٥٢) «أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا» في الهمزتين في الثلاثة مواضع ما تقدم «لمدينون» مجزيون ومحاسبون؟ أنكر ذلك أيضا. (٥٣) «قال» ذلك القائل لإخوانه: «هل أنتم مطلعون» معي إلى النار لننظر حاله؟ فيقولون: لا. (٥٤) «فاطلع» ذلك القائلون من بعض كوى الجنة «فرآه» أي رأى قرينه «في سواء الجحيم» في وسط النار. (٥٥) «قال» له تشميتا «تالله إن» مخففة من الثقيلة «كدت» قاربت «لتردين» لتهلكني بإغوائك. (٥٦) «ولو لا نعمة ربي» عليَّ بالإيمان «لكنت من المحضرين» معك في النار وتقول أهل الجنة. (٥٧) «أفما نحن بميتين». (٥٨) «إلا موتتنا الأولى» أي التي في الدنيا «وما نحن بمعذبين» هو استفهام تلذذ وتحدُّث بنعمة الله تعالى من تأبيد الحياة وعدم التعذيب. (٥٩) «إن هذا» الذي ذكرت لأهل الجنة «لهو الفوز العظيم». (٦٠) «لمثل هذا فليعمل العاملون» قيل يقال لهم ذلك، وقيل هم يقولونه. (٦١) «أذلك» المذكور لهم «خير نزلا» وهو ما يعدّ للنازل من ضيف وغيره «أم شجرة الزقوم» المعدة لأهل النار وهي من أخبث الشجر المرّ بتهامة ينبتها الله في الجحيم كما سيأتي. (٦٢) «إنا جعلناها» بذلك «فتنة للظالمين» أي الكافرين من أهل مكة، إذ قالوا: النار تحرق الشجر فكيف تنبته. (٦٣) «إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم» أي قعر جهنم، وأغصانها ترتفع إلى دركاتها. (٦٤) «طلعها» المشبه بطلع النخل «كأنه رءوس الشياطين» الحيات القبيحة المنظر. (٦٥) «فإنهم» أي الكفار «لآكلون منها» مع قبحها لشدة جوعهم «فمالئون منها البطون». (٦٦) «ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم» أي ماء حار يشربونه فيختلط بالمأكول منها فيصير شوبا له. (٦٧) «ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم» يفيد أنهم يخرجون منها لشرب الحميم وأنه خارجها. (٦٨) «إنهم ألفوْا» وجدوا «آباءهم ضالين». (٦٩) «فهم على آثارهم يُهرعون» يزعجون إلى اتباعهم فيسرعون إليه. (٧٠) «ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين» من الأمم الماضية. (٧١) «ولقد أرسلنا فيهم منذرين» من الرسل مخوِّفين. (٧٢) «فانظر كيف كان عاقبة المنذَرين» الكافرين: أي عاقبتهم العذاب. (٧٣) «إلا عباد الله المخلصين» أي المؤمنين فإنهم نجوا من العذاب لإخلاصهم في العبادة، أو لأن الله أخلصهم لها على قراءة فتح اللام. (٧٤) (ولقد نادانا نوح) بقوله “” رب إني مغلوب فانتصر “” (فلنعم المجيبون) له نحن: أي دعانا على قومه فأهلكناهم بالغرق. (٧٥) «ونجيناه وأهله من الكرب العظيم» أي الغرق. (٧٦)

«وجعلنا ذريته هم الباقين» فالناس كلهم من نسله وكان له ثلاثة أولاد: سام وهو أبو العرب والفرس والروم، وحام وهو أبو السودان، ويافث وهو أبو الترك والخزر ويأجوج ومأجوج وما هنالك. (٧٧) «وتركنا» أبقينا «عليه» ثناء حسنا «في الآخرين» من الأنبياء والأمم إلى يوم القيامة. (٧٨) «سلام» منا «على نوح في العالمين». (٧٩) «إنا كذلك» كما جزيناهم «نجزي المحسنين». (٨٠) «إنه من عبادنا المؤمنين». (٨١) «ثم أغرقنا الآخرين» كفار قومه. (٨٢) «وإن من شيعته» أي ممن تابعه في أصل الدين «لإبراهيم» وإن طال الزمان بينهما وهو ألفان وستمائة وأربعون سنة وكان بينهما هود وصالح. (٨٣) «إذ جاء ربهَّ» أي تابعه وقت مجيئه «بقلب سليم» من الشك وغيره. (٨٤) «إذ قال» في هذه الحالة المستمرة له «لأبيه وقومه» موبخا «ماذا» ما الذي «تعبدون». (٨٥) «أئفكا» في همزتيه ما تقدم «آلهة دون الله تريدون» وإفكا مفعول له، وآلهة مفعول به لتريدون والإفك: أسوأ الكذب، أي أتعبدون غير الله؟. (٨٦) «فما ظنكم برب العالمين» إذ عبدتم غيره أنه يترككم بلا عقاب؟ لا، وكانوا نجامين، فخرجوا إلى عيد لهم وتركوا طعامهم عند أصنامهم زعموا التبرك عليه فإذا رجعوا أكلوه، وقالوا للسيد: اخرج معنا. (٨٧) «فنظر نظرة في النجوم» إيهاما لهم أنه يعتمد عليها ليعتمدوه. (٨٨) «فقال إني سقيم» عليل أي سأسقم. (٨٩) «فتولوا عنه» إلى عيدهم «مدبرين». (٩٠) «فراغ» مال في خفية «إلى آلهتهم» وهي الأصنام وعندها الطعام «فقال» استهزاءً «ألا تأكلون» فلم ينطقوا. (٩١) فقال «ما لكم لا تنطقون» فلم يجب. (٩٢) «فراغ عليهم ضربا باليمين» بالقوة فكسرها فبلغ قومه ممن رآه. (٩٣) «فأقبلوا إليه يزفون» أي يسرعون المشي فقالوا له: نحن نعبدها وأنت تكسرها. (٩٤) «قال» لهم موبخا «أتعبدون ما تنحتون» من الحجارة وغيرها أصناما. (٩٥) «والله خلقكم وما تعملون» من نحتكم ومنحوتكم فاعبدوه وحده، وما مصدرية وقيل موصولة وقيل موصوفة. (٩٦) «قالوا» بينهم «ابنوا له بنيانا» فاملئوه حطبا وأضرموه بالنار فإذا التهب «فألقوه في الجحيم» النار الشديدة. (٩٧) «فأرادوا به كيدا» بإلقائه في النار لتهلكه «فجعلناهم الأسفلين» المقهورين فخرج من النار سالما. (٩٨) «وقال إني ذاهب إلى ربي» مهاجر إليه من دار الكفر «سيهدين» إلى حيث أمرني ربي بالمصير إليه وهو الشام فلما وصل إلى الأرض المقدسة قال. (٩٩) «رب هب لي» ولدا «من الصالحين». (١٠٠) «فبشرناه بغلام حليم» أي ذي حلم كثير. (١٠١) «فلما بلغ معه السعي» أي أن يسعى معه ويعينه قيل بلغ سبع سنين وقيل ثلاث عشرة سنة «قال يا بنيَّ إني أرى» أي رأيت «في المنام أني أذبحك» ورؤيا الأنبياء حق وأفعالهم بأمر الله تعالى «فانظر ماذا ترى» من الرأي شاوره ليأنس بالذبح وينقاد للأمر به «قال يا أبت» التاء عوض عن ياء الإضافة «افعل ما تؤمر» به «ستجدني إن شاء الله من الصابرين» على ذلك. (١٠٢)

«فلما أسلما» خضعا وانقادا لأمر الله تعالى «وتله للجبين» صرعه عليه، ولكل إنسان جبينان بينهما الجبهة وكان ذلك بمنى، وأمرَّ السكين على حلقه فلم تعمل شيئا بمانع من القدرة الإلهية. (١٠٣) «وناديناه أن يا إبراهيم». (١٠٤) «قد صدقت الرؤيا» بما أتيت به مما أمكنك من أمر الذبح: أي يكفيك ذلك فجملة ناديناه جواب لما بزيادة الواو «إنا كذلك» كما جزيناك «نجزي المحسنين» لأنفسهم بامتثال الأمر بإفراج الشدة عنهم. (١٠٥) «إن هذا» الذبح المأمور به «لهو البلاء المبين» أي الاختبار الظاهر. (١٠٦) «وفديناه» أي المأمور بذبحه، وهو إسماعيل أو إسحاق قولان «بذبح» بكبش «عظيم» من الجنة وهو الذي قربه هابيل جاء به جبريل عليه السلام فذبحه السيد إبراهيم مكبرا. (١٠٧) «وتركنا» أبقينا «عليه في الآخرين» ثناءً حسنا. (١٠٨) «سلام» منا «على إبراهيم». (١٠٩) «كذلك» كما جزيناه «نجزي المحسنين» لأنفسهم. (١١٠) «إنه من عبادنا المؤمنين». (١١١) «وبشرناه بإسحاق» استدلَّ بذلك على أن الذبح غيره «نبيا» حال مقدرة: أي يوجد مقدرا نبوته «من الصالحين». (١١٢) «وباركنا عليه» بكثير ذريته «وعلى إسحاق» ولده بجعلنا أكثر الأنبياء من نسله «ومن ذريتهما محسن» مؤمن «وظالم لنفسه» كافر «مبين» بيَّن الكفر. (١١٣) «ولقد مننا على موسى وهارون» بالنبوة. (١١٤) «ونجيناهما وقومهما» بني إسرائيل «من الكرب العظيم» أي استعباد فرعون إياهم. (١١٥) «ونصرناهم» على القبط «فكانوا هم الغالبين». (١١٦) «وآتيناهما الكتاب المستبين» البليغ البيان فيما أتى به من الحدود والأحكام وغيرها وهو التوراة. (١١٧) «وهديناهما الصراط» الطريق «المستقيم». (١١٨) «وتركنا» أبقينا «عليهما في الآخرين» ثناءً حسنا. (١١٩) «سلام» منا «على موسى وهارون». (١٢٠) «إنا كذلك» كما جزيناهما «نجزي المحسنين». (١٢١) «إنهما من عبادنا المؤمنين». (١٢٢) «وإن إلياس» بالهمزة أوله وتركه «لمن المرسلين» قيل هو ابن أخي هارون أخي موسى، وقيل غيره أرسل إلى قوم ببعلبك ونواحيها. (١٢٣) «إذ» منصوب باذكر مقدرا «قال لقومه ألا تتقون» الله. (١٢٤) «أتدعون بعلا» اسم صنم لهم من ذهب، وبه سمي البلد أيضا مضافا إلى بك: أي أتعبدونه «وتذرون» تتركون «أحسن الخالقين» فلا تعبدونه. (١٢٥) «اللهُ ربُّكم وربُّ آبائكم الأولين» برفع الثلاثة على إضمار هو، وبنصبها على البدل من أحسن. (١٢٦)

«فكذبوه فإنهم لمحضرون» في النار. (١٢٧) «إلا عباد الله المخلصين» أي المؤمنين منهم فإنهم نجوا منها. (١٢٨) «وتركنا عليه في الآخرين» ثناءً حسنا. (١٢٩) «سلام» منا «على إلْ ياسين» قيل هو إلياس المتقدم ذكره، وقيل هو ومن آمن معه فجمعوا معه تغليبا كقولهم للمهلب وقومه المهلبون وعلى قراءة آل ياسين بالمد، أي أهله المراد به إلياس أيضا. (١٣٠) «إنا كذلك» كما جزيناه «نجزي المحسنين». (١٣١) «إنه من عبادنا المؤمنين». (١٣٢) «وإن لوطا لمن المرسلين». (١٣٣) اذكر «إذ نجيناه وأهله أجمعين». (١٣٤) «إلا عجوزا في الغابرين» أي الباقين في العذاب. (١٣٥) «ثم دمرنا» أهلكنا «الآخرين» كفار قومه. (١٣٦) «وإنكم لتمرون عليهم» على آثارهم ومنازلهم في أسفاركم «مصبحين» أي وقت الصباح يعني بالنهار. (١٣٧) «وبالليل أفلا تعقلون» يا أهل مكة ما حل بهم فتعتبرون به. (١٣٨) «وإن يونس لمن المرسلين». (١٣٩) «إذْ أبق» هرب «إلى الفلك المشحون» السفينة المملوءة حين غاضب قومه لما لم ينزل بهم العذاب الذي وعدهم به فركب السفينة فوقفت في لجة البحر، فقال الملاحون هنا عبد أبق من سيده تظهره القرعة. (١٤٠) «فساهم» قارع أهل السفينة «فكان من المدحضين» المغلوبين بالقرعة فألقوه في البحر. (١٤١) «فالتقمه الحوت» ابتلعه «وهو مليم» أي آت بما يلام عليه من ذهابه إلى البحر وركوبه السفينة بلا إذن من ربه. (١٤٢) (فلولا أنه كان من المسبحين) الذاكرين بقوله كثيرا في بطن الحوت “” لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين “”. (١٤٣) «للبث في بطنه إلى يوم يبعثون» لصار بطن الحوت قبرا له إلى يوم القيامة. (١٤٤) «فنبذناه» أي ألقيناه من بطن الحوت «بالعراء» بوجه الأرض: أي بالساحل من يومه أو بعد ثلاثة أو سبعة أيام أو عشرين أو أربعين يوما «وهو سقيم» العليل كالفرخ الممعط. (١٤٥) «وأنبتنا عليه شجرة من يقطين» وهي القرع تظله بساق على خلاف العادة في القرع معجزة له، وكانت تأتيه وعلة صباحا ومساء يشرب من لبنها حتى قوي. (١٤٦) «وأرسلناه» بعد ذلك كقبله إلى قوم بنينوى من أرض الموصل «إلى مائة ألف أو» بل «يزيدون» عشرين أو ثلاثين أو سبعين ألفا. (١٤٧) «فآمنوا» عند معاينة العذاب الموعودين به «فمتعناهم» أبقيناهم ممتعين بمالهم «إلى حين» تنقضي آجالهم فيه. (١٤٨) «فاستفتهم» استخبر كفار مكة توبيخا لهم «ألربك البنات» بزعمهم أن الملائكة بنات الله «ولهم البنون» فيختصون بالأسنى. (١٤٩) «أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون» خلقنا فيقولون ذلك. (١٥٠) «ألا أنهم من إفكهم» كذبهم «ليقولون» بقولهم الملائكة بنات الله. (١٥١) «ولد الله» بقولهم الملائكة بنات الله «وإنهم لكاذبون» فيه. (١٥٢) «أصطفى» بفتح الهمزة للاستفهام واستغني بها عن همزة الوصل فحذفت، أي أختار «البنات على البنين». (١٥٣)

«ما لكم كيف تحكمون» هذا الحكم الفاسد. (١٥٤) «أفلا تذَّكرون» بإدغام التاء في الذال، أنه سبحانه وتعالى منزه عن الولد. (١٥٥) «أم لكم سلطان مبين» حجة واضحة أن لله ولدا. (١٥٦) «فأتوا بكتابكم» التوراة فأروني ذلك فيه «إن كنتم صادقين» في قولكم ذلك. (١٥٧) «وجعلوا» أي المشركون «بينه» تعالى «وبين الجنة» أي الملائكة لاجتنانهم عن الأبصار «نسبا» بقولهم إنها بنات الله «ولقد علمت الجنَّة إنهم» أي قائلي ذلك «لمحضرون» للنار يعذبون فيها. (١٥٨) «سبحان الله» تنزيها له «عما يصفون» بأن لله ولدا. (١٥٩) «إلا عباد الله المخلصين» أي المؤمنين استثناء منقطع أي فإنهم ينزهون الله تعالى عما يصفه هؤلاء. (١٦٠) «فإنكم وما تعبدون» من الأصنام. (١٦١) «ما أنتم عليه» أي على معبودكم عليه متعلق بقوله «بفاتنين» أي أحدا. (١٦٢) «إلا من هو صال الجحيم» في علم الله تعالى. (١٦٣) قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم «وما منا» معشر الملائكة أحد «إلا له مقام معلوم» في السماوات يعبد الله فيه لا يتجاوزه. (١٦٤) «وإنا لنحن الصَّافون» أقدامنا في الصلاة. (١٦٥) «وإنا لنحن المسبحون» المنزهون الله عما لا يليق به. (١٦٦) «وإن» مخففة من الثقيلة «كانوا» أي كفار مكة «ليقولون». (١٦٧) «لو أن عندنا ذكرا» كتابا «من الأولين» أي من كتب الأمم الماضية. (١٦٨) «لكنا عباد الله المخلصين» العابدة له. (١٦٩) قال تعالى: «فكفروا به» بالكتاب الذي جاءهم وهو القرآن الأشرف من ذلك الكتب «فسوف يعلمون» عاقبة كفرهم. (١٧٠) (ولقد سبقت كلمتنا) بالنصر (لعبادنا المرسلين) وهي “” لأغلبن أنا ورسلي “”. (١٧١) أو هي قوله «إنهم لهم المنصورون». (١٧٢) «وإن جندنا» أي المؤمنين «لهم الغالبون» الكفار بالحجة والنصرة عليهم في الدنيا، وإن لم ينتصر بعض منهم في الدنيا ففي الآخرة. (١٧٣) «فتول عنهم» أي أعرض عن كفار مكة «حتى حين» تؤمر فيه بقتالهم. (١٧٤) «وأبصرهم» إذ نزل بهم العذاب «فسوف يبصرون» عاقبة كفرهم. (١٧٥) فقالوا استهزاء: متى نزول هذا العذاب؟ قال تعالى تهديدا لهم: «أفبعذابنا يستعجلون». (١٧٦) «فإذا نزل بساحتهم» بفنائهم قال الفراء: العرب تكتفي بذكر الساحة عن القوم «فَساء» بئس صباحا «صباح المنذَرين» فيه إقامة الظاهر مقام المضمر. (١٧٧) «وتول عنهم حتى حين». (١٧٨) «وأبصر فسوف يبصرون» كرر تأكيدا لتهديدهم وتسلية له صلى الله عليه وسلم. (١٧٩) «سبحان ربك رب العزة» الغلبة «عما يصفون» بأن له ولدا. (١٨٠) «وسلام على المرسلين» المبلغين عن الله التوحيد والشرائع. (١٨١) «والحمد لله رب العالمين» على نصرهم وهلاك الكافرين. (١٨٢)

الكلمات الدالة

سوره الصافات | سورة الصافات تفسير | سورة الصافات

Scroll to Top